السبت، 1 نوفمبر 2008

حقائق من خارج الحواس

















ارتبط وجود الكائن البشري بمحيط حيوي عالي الاتساع مليء بالظواهر الطبيعي والحية يحتاج التعامل معها وجود مدارك حسية متطورة يلاءم وجودها احتياجنا إليها فهي رسولنا إلى العالمين الداخلي والخارجي ومن خلالها يمكن التعامل مع البيئة المحيط ة بنا.
وبالرغم من تماثلنا بالوجود يمكن رؤية الاختلاف في قدراتنا الإبداعية ضمن المجالات المرتبطة بوعينا، فالقدرات الفنية والأدبية والعلمية والسلوكية متباينة بين فرد وأخر غير أنها تدخل جميعها في نظام تفاعلنا الإنساني. حتى وعينا للظواهر متباينة تماماً، فظاهرة الرعد مثلاً يختلف وعينا لها فمنا من يعتبرها ناتجة عن تفاعل قوى فيزيائية ومنا من يعتبرها رسالة من السماء ومنا من يعتبرها موسيقى السماء..إلخ.
ويتعدد وعينا لظاهرة الأحلام بمفاهيم مختلفة ومهما بلغت الآراء حولها من التنوع تظل الظواهر خارج وعينا موجودة ترافق وجودنا ومفاهيمنا حولها فالارتباط بيننا ارتباطاً حسياً يرافق كل إحساس تابع للمحيط حاسة مطابقة له تمكننا من التعرف عيه.
فحاسة اللمس تزودنا بمعلومات عن الصلابة والمرونة والسخونة والبرودة وغيرها
وحاسة البصر تزودنا بمعلومات عن الألوان وأشكالها الأجسام وأحجامها وأبعادها وغيرها
وحاسة السمع تزودنا بمعلومات عن الأصوات قربها وبعدها أهدافها وغاياتها ...
وحاسة الشم تزودنا بمعلومات عن الروائح الطيبة والكريهة ..
وحاسة الذوق تزودنا بمعلومات عن طعم المواد –حلو – مالح – حامض – قلوي – حاد وغيرة
يمكن اعتبار هذه الحواس مباشرة لأنها تربطنا مباشرة بالعالم من حولنا وتمدنا بكافة المدركات اللازمة لوجودنا ونظام تفاعلنا الحسي مع نظامنا الأرضي، ويمكن أن نضيف إليها حواس غير مباشرة مرتبطة بنا أيضا كحاسة وعينا للأطراف من جسمنا فلو عطلنا جميع الحواس المباشرة يظل وعينا لحركة أطرافنا مفهومة بالحركة والاتجاه والإشارة كما ويمكننا وعي درجة التوتر العضلي ووعي الحركات المفصلية كالإمساك والثني وغيرها ورقصة الباليه وحركات السيرك يدركها العقل وينظم وجودها.
كما نمتلك الإحساس بالجاذبية والقدرة على تصحيح الانطباعات البصرية المشوهة مثل انكسار العصا في الماء فالعقل يفهم أن الانكسار في الضوء وليس في العصا فالضوء ينكسر عند دخوله أو خروجه من أوساط مختلفة الكثافة. ويمكن رؤية الضوء بالأحلام وفي أماكن بعيده عن موقع نومنا وعندما نشحن العقل بنوع من الوعي ونطلب رؤيا مرتبطة به نراها أيضاً وهذا ما يحدث عند الرهبان المسيحيون والنساك الصوفيين اليهود ودراويش الذكر المسلمين لأنهم يسعون دائماً لرؤيا مرتبطة بمعتقداتهم وكثيراً ما نغفل عن رؤية الأغراض المسروقة عندما توضع في مكان واضح لأننا نعتقد أن الأغراض المسروقة يجب أن تكون مخبأه.
فالإنسان لا يعتقد بما يرى فحسب وإنما يرى ما يعتقد به أيضاً. وبعد التقدم في مجال العلم والتكنولوجيا من خلال توفر أجهزة قياسية دقيقة يمكنها معرفة منظومة القوى والمؤثرات المحسوسة بالنسبة للبشر تأكد العقل بأن المؤثرات المحجوبة عن الإحساس تلعب دوراً مهماً في علاقاتنا مع الوجود فالأصوات ما تحت السمعية والأصوات ما فوق السمعية هي دلائل مؤشرة على ذبذبات صوتية لا يمكن التقاطها بالحواس البشرية ويمكن أن يلتقطها العقل باللاشعور وإذا امتلك العقل أمكانية فهم محتواها سيقودنا الاستنتاج إلى وجود معرفة ما فوق سمعية وأن يثبت علاقتها بالعقل البشري ويمكن أن نفهم من خلال ذلك بعض الألغاز المرتبطة بالعقل ناتجة عن التقاط معلومات مرتبطة بطبيعتها المخفية والاستدلال المقارن يؤكد بأن الإنسان لا يمكن أن يرى الأحياء المجهرية والكائنات الدقيقة بالرغم من وجودها الكثيف المنتشر في الطبيعة من حولنا. هناك كثير من المؤثرات حولنا لا يمكن إدراكها بواسطة الحواس وتحيط بنا من كل الاتجاهات فالطيف المغناطيسي موجود والأشعة السينية وأشعة غاما والأشعة تحت الحمراء وموجات الراديو كلها موجودة ومؤثرة بالرغم من عدم إدراكنا لها ويمكن أن توجد أنواع من الارتباطات بين الإنسان والقوى المخفية لم نستطع تحديدها بعد فإذا كان الكلام موجات صوتية تنتشر في الأثير يمكن أن تستمر في انتشارها وترافق تطورنا ويمكن أن نصل إلى زمن نستطيع التقاطها بأجهزة مناسبة يمكن أن تكشف لنا ما قيل منذ ألاف السنين. فإذا كان الإدراك هو تفسير للأدلة المجمعة عن الحواس يمكن أن تخرج العلاقة بصورة معكوسة بحيث نرى ما نتوقع رؤيته ، فالعلاقة بين الإدراك والحواس مرتبطة بقوى فاعلة ومؤثرة فيما بينهما من ارتباط والحالة الشخصية تلعب دورها في فهم الأحاسيس والتعبير عنها بصورة مختلفة بين فرد وأخر فنقطة حبر منتشرة على ورقة يمكن أن تصور بأشكال مختلفة من خلال رؤية عدة أشخاص لها وقراءة الأشكال المرسومة في فنجان القهوة يختلف بين شخص وآخر فالانطباع الوارد إلى العقل تابع لطبيعتنا المعرفية ووعينا لذاتنا والأدوار المرتبطة بحياتنا الشخصية وبمكن توجيه العقل للقيام بقراءة أفكار الآخرين والرؤية عبر الحواجز والإستنباء بالأحداث قبل وقوعها وقد تجنب العلماء دراستها نظراً لارتباطها بالشعوذة من جهة ومن جهة أخرى لا يمكن إخضاعها للدراسة المخبرية لأنها مرتبطة بشخصيات معينة ولا يمكن تعميمها على جميع الحالات البشرية . فإذا كانت الأفكار تنتقل على شكل موجات كهرومغناطيسية فإنها تحتاج لأدمغة حساسة جداً لالتقاطها. لقد استطاع كوبرنيكوس معرفة دوران الأرض حول الشمس بالاستناد إلى انزياح مواقع النجوم بالنسبة للناظر قبل عقدين من توفر المعرفة المؤكدة لمعرفته وتم معرفة وجود الذرة قبل ثلاثة آلاف سنة من التوصل إلى فلق الذرات في التجارب النووية. فالوعي المتصل بالطبيعة العقلية يعتبر لغزاً محيراً لأنه يستمد نموه من العقل البشري بحيث لم يوجد بعد وعي منفصل عن الوعي البشري حتى الرسالات السماوية ارتبط وجودها بأنبياء بشر، فإذا كان الوعي الناتج عن العقل لا يعتبر وعياً إلا من خلال العقل البشري يمكن عندها التوصل إلى مفارقة مذهلة هي لزوم الوعي لحياة الإنسان للتعبير عن ذاته والأغرب من هذا هو أن فقدان الوعي لا يفسر بالضرورة ماهية الوعي فالشخص الذي بتر أحد أطرافه يحس بأحاسيس مختلفة عن العضو المقطوع وإذا حدث اختفاء للعنصر البشري فهل سيختفي الوعي أم هو معرفة مكتنزة في طبيعة الوجود . يمكن أن نعطل الوعي بالنوم ولكن هل النوم هو السماح للوعي بالخروج خارج الجسد أو السماح للدماغ بتجديد نشاطه الواعي وقدرته على التفكير. فالدماغ ينشط من خلال الأحلام وفي النوم الحالم يزداد تدفق الدم إلى الدماغ وتزداد حرارته ويظهر وكأنه يعمل بطاقته القصوى، وكأن الأحلام غطاء لعمليات معرفية تجري في صميم الدماغ ينسقها وينظمها تحت غطاء الأحلام. غالباً ما يتم الإحساس قبل النوم بصعقة أو ومضة أو سماع صوت رعد ويمكن أن تحدث انتفاضة في الجسم أو الرأس أو بأحد الأطراف بما يؤكد بأن النوم ليس تدريجياً إنما هو لحظة يكون الإنسان قبلها مستيقظاً وبعدها نائماً ماذا يجري في هذه اللحظة هل هي انقطاع مفاجئ للوعي مثل انقطاع التيار الكهربائي وفي أي نقطة يتم فصل هذا الوعي لا أشك بأنها أسئلة محيرة. فالبحث عن الذات الداخلية لحياة العقل وحب الانتقال إلى حياة أعقل يوضح لنا معنى ملازم لوجودنا بالرغم من كوننا أوعى الكائنات هنا على الأرض ونطمح دائماً للوصول لوعي مختلف تماماً عن طبيعة وعينا.

ليست هناك تعليقات: