السبت، 1 نوفمبر 2008

الطب الخارق
















الحقول التفاعلية والاستشفاء
احتل التلازم بين القوة الروحية والحياة الإنسانية أصالة اجتماعية ونفسية وأخلاقية وأصبح التكوين العقلي والمعرفي يرتبط بالروحانية كوجود فاعل في بناء الحياة وتحديد التوجهات والمواجهة الناظمة للعقل البشري في ميادين الحياة والمعتقدات والروحانيات كنظام للتفاعل بين العقيدة والمادة وكان ( أبقراط ) من أبرز المؤدين لوجود قوة طبيعية متأصلة في الكائنات الحية. ونشأت علاقات إنسانية مبنية على الحب الروحي في أدبيات العصور السابقة وهو حب وجداني خالي مكن المؤثرات الجسدية في العلاقة بين الطرفين لأنه نوع من الحب يرتفع فوق المادية نظراً لارتكازه على العقل في نظام التفاعل والتأثير ومبني على العاطفة الخالية من الدنس وقد أكد العالم السويسري (بارأسيلياس ) بأن الجسم كمادة لورشة عمل تشرف عليها النفس الإنسانية المتأصلة بقوة التخيل القادة على تعزيز واستشفاء الأمراض. نظراً للتفاعل القائم بين القوى الجسدية والروحية فالطب الفيزيائي كنظام علاقات بين المادة كجسد والمادة كدواء غابتها تأمين مؤثرات فيزيائية وكيميائية يمكن من خلالها التغلب على الأمراض والتخلص من أثارها، والطب الروحي المنتشر في المعتقدات الشرقية يربط بين المادة الفيزيائية والروحية كنظام متبادل في التأثير يمتلك القدرة لإعادة تنظيم المنطقة المصابة والتغلب على المرض.
لقد تزايد الاهتمام بالطب الفيزيائي في العصر الحديث أكثر من الطب الروحي لأن الطب الروحي لأن الطب الروحي اتخذ منحى ديني وانحدر نحو ممارسات خرافية وأساليب رديئة مبنية على الشعوذة والاحتيال وتغير مفهوم المرض من حالة مرتبطة بعوامل نفسية وجسدية إلى حالة مرتبطة بتأثير أرواح شيطانية في نفسية المريض يرافقها علاجات ذات تأثيرات سطحية مثل التعويذات السحرية وبعض التركيبات الغريبة فاتخذ الطب الروحي منحىً مغاير لطبيعته الأصلية. واتبع الطب المادي منهجاً بحثياً وتجريبياً زودنا بمعلومات مهمة عن فيزيولوجيا الكائنات الحية ومركباته العضوية وطريقة بنائها وتفاعلها مع الوسط وحدد العلاقة بين العلوم الفيزيائية والكيميائية والعلوم الطبيعية وأرسى ونهجاً لتنظيم الطب المادي وفق قواعد تخصصية لأعضاء الجسم كافةً. فالعوامل المسببة للأمراض هي عوامل مادية وبالتالي فإن علاجها يتم بواسطة مواد ذات طبيعة مادية يؤدي تأثيرها العلاجي لإزالة المرض والشفاء واعتبر الطب الروحي ظهور وتطور الأمراض ناجم عن مسببات نفسية وجسدية لكافة الأمراض حتى السرطانية وبالتالي فإن الطب الروحي يمكن أن يساعد الطب المادي في تبادل التأثيرات بين طرفين يلتحمان لتشكيل طاقة استشفاء مؤثرة وفاعلة على كافة المستويات النفسية والجسدية بقوة الطاقة الروحية. والمضادات الحيوية المصنعة للتأثير على أمراض رئيسية كالسل وذات الرئة والأمراض التناسلية والحصبة والسعال الديكي والتيفوئيد وغيرها نظراً لارتباطها بمؤثرات جرثومية مرتبطة بطبيعة المرض وهذه الأمراض تضاءلت كثيراً في الوقت الراهن ، بعد التقدم العلمي وتزايد الوعي الإنساني في إتباع القواعد الصحية والنظافة والتغذية المتوازنة ، ولعب الطب المادي دوراً مهماً في الإقلال من عدد الوفيات عند الأطفال من خلال تزايد العناية الصحية بالحوامل والولادات وإتباع مناهج التلقيح المنظم ضد معظم الأمراض السارية . ولم تزل إمكانية إطالة الأعمار عن الأعمار السابقة في حدودها العادية بل وغالباً ما حققت الأعمار في السابق مقاييس مرتفعة لدى البعض تفوقت على مستوى الأعمار في عصر الطب الحديث ولأدوية الصيدلانية المتطورة.
فالكثير من الأمراض في عصر التقنيات الحديثة أخذت بالارتفاع كتصلب الشرايين والتهاب المفاصل وأمراض القلب والخرف والعجز وغيرها وتزايدت الأمراض النفسية كثيراً نظراً لتزايد الضغوط والمشاكل والمصاعب الناجمة عن تعقد الحياة وطبيعة السوق الاستهلاكية ومخلفاتها المؤثرة على البيئة السلوكية للفرد وصعوبة التكيف مع المتغيرات الطارئة عل بنية الاتصالات وتأثيرها على السلوك البشري غير المهيأ ثقافياً للتكيف مع هذه المتغيرات. وما تزال العقاقير هي الوصفة الدائمة عند الأطباء، وارتفاع معدلات الإدمان على المهدئات والحبوب المنومة ومسكنات الألم وكوابت الشهية وأصبحت العقاقير تسبب تزايد الإصابات بأمراض متنوعة كالتهاب المعدة والحساسية وغيرها. والجدير بالذكر ضمن هذا السياق أن لأكثر الأمراض ناتجة عن الإجهاد من جراء تزايد الضغوط وأعباء الحياة اليومية بما يؤدي إلى تزايد الإضرابات الوظيفية لأجهزة الجسم الفاعلة ينتج عنها أمراض مزمنة كارتفاع الضغط والسكتة الدماغية والأمراض النفسية وأمراض الشذوذ السلوكي عند المراهقين.
فالعلاقة بين الصحة العقلية والجسمانية لم تحظ بالاهتمام الكافي من الطب الحديث والأجهزة الطبية الاجتماعية المعنية بذالك. فقد ثبت علمياً بأن التوتر المفرط يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والتدهور الحاصل في الشعور بالسعادة عند بعض الناس يزيد من خطر الإصابة بالسرطان. فالعزيمة المرتبطة بالفرد لحب الحياة والمجتمع تساعد الفرد للتغلب غلى الأمراض. فالكثير من التقنيات العلمية تظهر قدرة العقل على تخفيف المعانات ، ويمكن لقوة العقل أن تعالج الأمراض بالفعل، فالتلميحات الموجهة للعقل للتغلب على الأمراض تلعب دوراً مهماً في تحفيز المريض على تطوير جهازه المناعي بالإيحاء الذاتي والتأمل والاسترخاء المرتبط بالمشاعر الطيبة. فالتغذية الاسترجاعية الحيوية يمكن أن تعلم المرضى السيطرة على الإجهاد النفسي والجسدي وتنظيم العمليات الفيزيولوجية والعصبية في الجسم فلتأمل والإيحاء يساعدان الجسم على الاسترخاء أما التغذية الاسترجاعية كوسيلة فسلجة عاكسة يتم من خلالها توظيف الطاقات الدماغية لقوية الموجات الخاصة بالشفاء وعندما نتعلم أهمية نشاطها يمكننا استغلالها للعلاج الذاتي دون أي أجهزة مساعدة. وعندما يثق الإنسان بأهمية جهازه المناعي وقدرته على استئصال الأمراض ويربط بين وعيه هذا وطاقاته الجسدية والنفسية والتركيز على توجيه هذه القوى للقضاء على الأمراض يمكن التوصل غلى نتائج مشجعة ، لأن فعالية الاستشفاء الروحي تؤدي إلى رفع الحيوية الجسدية للموجهة مثلها مثل التحضير النفسي لخوض معركة قتالية مباشرة مع خصم ما فالإقدام نحو الخصم بمعنوية عالية في التصميم على النصر يمكن أن ينال النصر المطلوب. فالاستخدام العملي لقدرات المرضى الروحية في معالجة أنفسهم يساعد الأطباء في التقليل من كافة العلاج بالعقاقير والأساليب التشخيصية الباهظة الثمن. فالتوظيف الصحيح للطاقات العقلية يلعب دوراً هاماً في إعادة التوازن والعلاقات المنسجمة مع الحياة لتوجيه جميع العمليات النفسية والفكرية المرتبطة بحياة الكائن لإتمام دورها في تفعيل الحيوية القادرة على إزالة الأمراض ومسبباتها وما نظام المساعدة بالإيحاء النفسي وقوة التأثير المستخدمة من قبل الغير أثناء تركيزهم على المنطقة المصابة سوى إخراج طاقات من جسم إلى جسم آخر لأجل المساعدة على الشفاء بالإيحاء المؤثر للطاقة.

حقائق من خارج الحواس

















ارتبط وجود الكائن البشري بمحيط حيوي عالي الاتساع مليء بالظواهر الطبيعي والحية يحتاج التعامل معها وجود مدارك حسية متطورة يلاءم وجودها احتياجنا إليها فهي رسولنا إلى العالمين الداخلي والخارجي ومن خلالها يمكن التعامل مع البيئة المحيط ة بنا.
وبالرغم من تماثلنا بالوجود يمكن رؤية الاختلاف في قدراتنا الإبداعية ضمن المجالات المرتبطة بوعينا، فالقدرات الفنية والأدبية والعلمية والسلوكية متباينة بين فرد وأخر غير أنها تدخل جميعها في نظام تفاعلنا الإنساني. حتى وعينا للظواهر متباينة تماماً، فظاهرة الرعد مثلاً يختلف وعينا لها فمنا من يعتبرها ناتجة عن تفاعل قوى فيزيائية ومنا من يعتبرها رسالة من السماء ومنا من يعتبرها موسيقى السماء..إلخ.
ويتعدد وعينا لظاهرة الأحلام بمفاهيم مختلفة ومهما بلغت الآراء حولها من التنوع تظل الظواهر خارج وعينا موجودة ترافق وجودنا ومفاهيمنا حولها فالارتباط بيننا ارتباطاً حسياً يرافق كل إحساس تابع للمحيط حاسة مطابقة له تمكننا من التعرف عيه.
فحاسة اللمس تزودنا بمعلومات عن الصلابة والمرونة والسخونة والبرودة وغيرها
وحاسة البصر تزودنا بمعلومات عن الألوان وأشكالها الأجسام وأحجامها وأبعادها وغيرها
وحاسة السمع تزودنا بمعلومات عن الأصوات قربها وبعدها أهدافها وغاياتها ...
وحاسة الشم تزودنا بمعلومات عن الروائح الطيبة والكريهة ..
وحاسة الذوق تزودنا بمعلومات عن طعم المواد –حلو – مالح – حامض – قلوي – حاد وغيرة
يمكن اعتبار هذه الحواس مباشرة لأنها تربطنا مباشرة بالعالم من حولنا وتمدنا بكافة المدركات اللازمة لوجودنا ونظام تفاعلنا الحسي مع نظامنا الأرضي، ويمكن أن نضيف إليها حواس غير مباشرة مرتبطة بنا أيضا كحاسة وعينا للأطراف من جسمنا فلو عطلنا جميع الحواس المباشرة يظل وعينا لحركة أطرافنا مفهومة بالحركة والاتجاه والإشارة كما ويمكننا وعي درجة التوتر العضلي ووعي الحركات المفصلية كالإمساك والثني وغيرها ورقصة الباليه وحركات السيرك يدركها العقل وينظم وجودها.
كما نمتلك الإحساس بالجاذبية والقدرة على تصحيح الانطباعات البصرية المشوهة مثل انكسار العصا في الماء فالعقل يفهم أن الانكسار في الضوء وليس في العصا فالضوء ينكسر عند دخوله أو خروجه من أوساط مختلفة الكثافة. ويمكن رؤية الضوء بالأحلام وفي أماكن بعيده عن موقع نومنا وعندما نشحن العقل بنوع من الوعي ونطلب رؤيا مرتبطة به نراها أيضاً وهذا ما يحدث عند الرهبان المسيحيون والنساك الصوفيين اليهود ودراويش الذكر المسلمين لأنهم يسعون دائماً لرؤيا مرتبطة بمعتقداتهم وكثيراً ما نغفل عن رؤية الأغراض المسروقة عندما توضع في مكان واضح لأننا نعتقد أن الأغراض المسروقة يجب أن تكون مخبأه.
فالإنسان لا يعتقد بما يرى فحسب وإنما يرى ما يعتقد به أيضاً. وبعد التقدم في مجال العلم والتكنولوجيا من خلال توفر أجهزة قياسية دقيقة يمكنها معرفة منظومة القوى والمؤثرات المحسوسة بالنسبة للبشر تأكد العقل بأن المؤثرات المحجوبة عن الإحساس تلعب دوراً مهماً في علاقاتنا مع الوجود فالأصوات ما تحت السمعية والأصوات ما فوق السمعية هي دلائل مؤشرة على ذبذبات صوتية لا يمكن التقاطها بالحواس البشرية ويمكن أن يلتقطها العقل باللاشعور وإذا امتلك العقل أمكانية فهم محتواها سيقودنا الاستنتاج إلى وجود معرفة ما فوق سمعية وأن يثبت علاقتها بالعقل البشري ويمكن أن نفهم من خلال ذلك بعض الألغاز المرتبطة بالعقل ناتجة عن التقاط معلومات مرتبطة بطبيعتها المخفية والاستدلال المقارن يؤكد بأن الإنسان لا يمكن أن يرى الأحياء المجهرية والكائنات الدقيقة بالرغم من وجودها الكثيف المنتشر في الطبيعة من حولنا. هناك كثير من المؤثرات حولنا لا يمكن إدراكها بواسطة الحواس وتحيط بنا من كل الاتجاهات فالطيف المغناطيسي موجود والأشعة السينية وأشعة غاما والأشعة تحت الحمراء وموجات الراديو كلها موجودة ومؤثرة بالرغم من عدم إدراكنا لها ويمكن أن توجد أنواع من الارتباطات بين الإنسان والقوى المخفية لم نستطع تحديدها بعد فإذا كان الكلام موجات صوتية تنتشر في الأثير يمكن أن تستمر في انتشارها وترافق تطورنا ويمكن أن نصل إلى زمن نستطيع التقاطها بأجهزة مناسبة يمكن أن تكشف لنا ما قيل منذ ألاف السنين. فإذا كان الإدراك هو تفسير للأدلة المجمعة عن الحواس يمكن أن تخرج العلاقة بصورة معكوسة بحيث نرى ما نتوقع رؤيته ، فالعلاقة بين الإدراك والحواس مرتبطة بقوى فاعلة ومؤثرة فيما بينهما من ارتباط والحالة الشخصية تلعب دورها في فهم الأحاسيس والتعبير عنها بصورة مختلفة بين فرد وأخر فنقطة حبر منتشرة على ورقة يمكن أن تصور بأشكال مختلفة من خلال رؤية عدة أشخاص لها وقراءة الأشكال المرسومة في فنجان القهوة يختلف بين شخص وآخر فالانطباع الوارد إلى العقل تابع لطبيعتنا المعرفية ووعينا لذاتنا والأدوار المرتبطة بحياتنا الشخصية وبمكن توجيه العقل للقيام بقراءة أفكار الآخرين والرؤية عبر الحواجز والإستنباء بالأحداث قبل وقوعها وقد تجنب العلماء دراستها نظراً لارتباطها بالشعوذة من جهة ومن جهة أخرى لا يمكن إخضاعها للدراسة المخبرية لأنها مرتبطة بشخصيات معينة ولا يمكن تعميمها على جميع الحالات البشرية . فإذا كانت الأفكار تنتقل على شكل موجات كهرومغناطيسية فإنها تحتاج لأدمغة حساسة جداً لالتقاطها. لقد استطاع كوبرنيكوس معرفة دوران الأرض حول الشمس بالاستناد إلى انزياح مواقع النجوم بالنسبة للناظر قبل عقدين من توفر المعرفة المؤكدة لمعرفته وتم معرفة وجود الذرة قبل ثلاثة آلاف سنة من التوصل إلى فلق الذرات في التجارب النووية. فالوعي المتصل بالطبيعة العقلية يعتبر لغزاً محيراً لأنه يستمد نموه من العقل البشري بحيث لم يوجد بعد وعي منفصل عن الوعي البشري حتى الرسالات السماوية ارتبط وجودها بأنبياء بشر، فإذا كان الوعي الناتج عن العقل لا يعتبر وعياً إلا من خلال العقل البشري يمكن عندها التوصل إلى مفارقة مذهلة هي لزوم الوعي لحياة الإنسان للتعبير عن ذاته والأغرب من هذا هو أن فقدان الوعي لا يفسر بالضرورة ماهية الوعي فالشخص الذي بتر أحد أطرافه يحس بأحاسيس مختلفة عن العضو المقطوع وإذا حدث اختفاء للعنصر البشري فهل سيختفي الوعي أم هو معرفة مكتنزة في طبيعة الوجود . يمكن أن نعطل الوعي بالنوم ولكن هل النوم هو السماح للوعي بالخروج خارج الجسد أو السماح للدماغ بتجديد نشاطه الواعي وقدرته على التفكير. فالدماغ ينشط من خلال الأحلام وفي النوم الحالم يزداد تدفق الدم إلى الدماغ وتزداد حرارته ويظهر وكأنه يعمل بطاقته القصوى، وكأن الأحلام غطاء لعمليات معرفية تجري في صميم الدماغ ينسقها وينظمها تحت غطاء الأحلام. غالباً ما يتم الإحساس قبل النوم بصعقة أو ومضة أو سماع صوت رعد ويمكن أن تحدث انتفاضة في الجسم أو الرأس أو بأحد الأطراف بما يؤكد بأن النوم ليس تدريجياً إنما هو لحظة يكون الإنسان قبلها مستيقظاً وبعدها نائماً ماذا يجري في هذه اللحظة هل هي انقطاع مفاجئ للوعي مثل انقطاع التيار الكهربائي وفي أي نقطة يتم فصل هذا الوعي لا أشك بأنها أسئلة محيرة. فالبحث عن الذات الداخلية لحياة العقل وحب الانتقال إلى حياة أعقل يوضح لنا معنى ملازم لوجودنا بالرغم من كوننا أوعى الكائنات هنا على الأرض ونطمح دائماً للوصول لوعي مختلف تماماً عن طبيعة وعينا.

الفوة الخارقة للعقل
















-البنية المتحدة للعقل

القوى المتوحدة في بنية العقل قوى متفاعلة وقادرة على التواصل مع الوجود وهي مرتبطة بطبيعة انتمائنا للوجود المرتبط بنا بخيوط غير مرئية فاعلة في ذواتنا مركبة من خليط متجانس متصل بطريقة فائقة الدقة تكوّن بنائنا الداخلي بكل مكونات الحياة القادرة على التفاعل ضمن أوساط حية وغير حية.فالمزيج التكاملي بين الطاقة والمادة يرفع الجاهزية الدماغية للارتباط بالوعي وعي محفوظ في بنية المادة ذاتها ، تجمع المعلومات المبنية في ذواتنا والخصائص والسمات الموجودة حولنا غي عالم مجرد يطلق إبداعاً متواصلً لأنه هو هكذا.وبمجرد توجيه إدراكنا بطريقة خيالية لتصوير حياة خالية من الوعي لا نستطيع التوصل لهذا التصور بدون وعي ،وإذ لم نعرف شيئاً عن مكونات الوجود المادي بإضافة وجودنا إلى مكونات مرتبطة بالكون غير قادرة على إدراك طبيعة مكوناته الداخلية والعلاقة القائمة بينهما ، لا يعني أن هذه المكونات غير موجودة فهي قائمة بالرغم من وجودنا وعندما يزداد وعينا مع الزمن ونمتلك الإحساس والفهم بأن ما يوجد من وعي لا يمكن الإحاطة به بالشكل الكلي مهما بلغت طاقاتنا من قوة الكشف والاختراع، فالبحث الدائم في إطار المتابعة الدائمة لمسيرتنا المعرفية فإننا سنرى دائماً بأننا أطفال هذا الكون العظيم ومهما كانت الدراسة جارية في أي مجال من مجالات الحياة المتنوعة تمتلك من الغرابة غير المتوقعة مع قناعاتنا المشكلة من خلال التعليم علينا أن نواجه وجودنا بمسؤولية وتعقل فالغرابة هي نحن وليس وجود هذه الظواهر. فالمعرفة الدالة عن قدم العقل عند أسلافنا هي وعينا المشكل في التاريخ المعرفي أوصل العقل لمستوى معرفي قادر على وعي المستجدات المعرفية بإمكانية تفوق قدرة أجدادنا بل وكثيراً ما فقدنا خصائص إنسانية كانت متوفرة لديهم نحن في أمس الحاجة إليها في العصر الراهن لقد بدأ العالم يدرك أكثر من ذي قبل أهمية الوجود العقلي بكافة أشكاله المادية والروحية مادام الوجود يتابع طريقه في مسيرة الكون وفقاً لغايات إنسانية.
وتكمن أهمية العقل العلمي في متابعة نظام التحولات في ميادين الوعي المختلفة لغايات نبيلة وأساسية لسحب أساليب الشعوذة المسيئة لحياتنا من أيدي معتنقيها لأن التلاعب بالمقدرات البشرية ما هو إلا شر يتضخم ليخلق أساليب من العلاقات تملك في بنائه طبيعة هدامة تؤثر على وعينا بطريقة مشوهه ومبتذلة تعيق توجهنا الصادق لمعرفة طبيعتها وفهم أساسياتها . هناك ارتباط بين الحياة وطبيعة الوعي المشكل حولها وبالرغم من كوننا نعيش ضمن طبيعة كوكبية واحده تظهر عندنا أنواع كثيرة من الوعي حولها ناتجة عن بنائنا الثقافي من خلال تاريخنا التربوي ، ومهما حاولنا الانفلات من طبيعتنا الثقافية نرى بأننا نرتمي في أحضان ثقافة أخرى هي من ضمن الثقافة الكوكبية لوجودنا نظراً لارتباطنا بمجال وعينا الموحد وعندما نهمل بقصد وبدون قصد معلومات موجودة ومأخوذة من بنائنا التاريخي النوعي نرى بأن وعياً أخر اهتم بها وادخلها وأدخلها في نظام وجوده المعرفي وكأن الحياة لا تريد إهمال مكتسباتها المعرفية . فقد نمت عندنا أنواع من الاستبصار والحدس والتكهن وقراءة الطالع، ارتبطت بوعينا الماضي وعندما أهملناها ولم نعطها حقها من الدراسة والفهم ذهبت منّا والتقطها من وجد فيها نظاماً مؤثراً في حياته وفاعلاً في بناء وجودها المعرفي (( لقد فصل أحد كهان اليمن بأمر هند بنت عتبه ، عندما قال لها أنهضي غير رقحاء ولا زانية وستلدين ملكاً يسمى معاوية .))
تكهن غير عادي في تاريخنا المعرفي إنه يلازم الواقع بأبعاده المستقبلية ويرى الأحداث بصورة جلية رتبها التاريخ بكل قوة حتى صارت .
كما تكهن شافع ابن كليب الصدفي بظهور النبي محمد (ص) عندما قال :أجده لبارٍ مبرور ورائدٍ بالقهور ووصف في الزبور فضلت أمته في السفور يفرج الظلم بالنور أحمد النبي طوبى لأمته حين يجيء أحد بني لؤي ثم أحد بني قصي . أما سطيح الذئبي فقد عرف وفسر رؤيا حلم ربيعة ابن نصر اللخمي قبل وفاته . والكاهنة طريفة الخير تكهنت بسيل العرم وخراب سد مأرب . فالحدس العربي والتكهن والبصيرة الثاقبة لزرقاء اليمامة وغيرها من الاستخدامات الجارية لقوى العقل الخارقة ارتبطت بتراثنا التاريخي وعبرت عن قدرة العقل العربي في استكشاف المستقبل من خلال بصير ثاقبة وعقل متمرس .
( المصدر : مجلة لقمان – كتاب في جريدة – العدد 111 عن مؤسسة تشرين للصحافة والنشر. )
فالقوة العقلية متمكنة في ذواتنا البشرية تعبر عن طبيعتها وفقاً للمتغيرات الفكرية والثقافية فعندما لم تكن وسائل الاتصال قادرة على تامين التنقل السريع وخالية من شبكات الرادار وأقمار التجسس وعدم قدرة اللغة على تأمين وسيلة التخاطب بين البشر أمتلك العقل وسائل تعويضية فائقة القدرة من أساليب التخاطب والتخاطر الفكري وقراءة الطالع والتنجيم والوحي الإستدعائي في المخاطر والأهوال الصعبة والتركيز النشيط على القوي العقلية المؤثرة في إزالة الألم والاستشفاف وغيرها من أساليب بالطاقة الكامنة في العقل . فالبث التلفزيوني والراديوي وكافة وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية هي إبداعات راجعة بأسلوب تعويضي موازية لإمكانيات العقل الأول . فلا شيء يذهب هدراً في منظومة البنى الكونية ، فالتبدل الجاري في نظام العقل من انحسار وتغير وتطور يدخل في نظام تعويضي مغاير لطبيعته الأولى ويغطي المهام الجاري في نظام التفاعل الإنساني . فالعقول المعجزة التي بنت شواهد التاريخ القديم كالحدائق المعلقة في بابل ومعبد جوبتير في بعلبك وأهرامات الجيزة وبقية العجائب والقلاع وغيرها الكثير من الإنجازات المطمورة والكثير من الطاقات المحذوفة المرتبطة بالعقل القديم أعيد بنائها وتركيبها بطريقة مغايرة لتؤدي مهام وحاجات إنسانية متوافقة مع التطور، فالتغيرات الجارية في البنية الحديثة والناتجة عن منجزات العقل البشري هي نوعية جديدة متوافقة مع طبيعة الطاقات العقلية القديمة لتعيد إلى الوجود طبعته الأصلية بوسائل مغايرة ويظل العقل فاعلاً في نظام وجوده.