السبت، 1 نوفمبر 2008

الفوة الخارقة للعقل
















-البنية المتحدة للعقل

القوى المتوحدة في بنية العقل قوى متفاعلة وقادرة على التواصل مع الوجود وهي مرتبطة بطبيعة انتمائنا للوجود المرتبط بنا بخيوط غير مرئية فاعلة في ذواتنا مركبة من خليط متجانس متصل بطريقة فائقة الدقة تكوّن بنائنا الداخلي بكل مكونات الحياة القادرة على التفاعل ضمن أوساط حية وغير حية.فالمزيج التكاملي بين الطاقة والمادة يرفع الجاهزية الدماغية للارتباط بالوعي وعي محفوظ في بنية المادة ذاتها ، تجمع المعلومات المبنية في ذواتنا والخصائص والسمات الموجودة حولنا غي عالم مجرد يطلق إبداعاً متواصلً لأنه هو هكذا.وبمجرد توجيه إدراكنا بطريقة خيالية لتصوير حياة خالية من الوعي لا نستطيع التوصل لهذا التصور بدون وعي ،وإذ لم نعرف شيئاً عن مكونات الوجود المادي بإضافة وجودنا إلى مكونات مرتبطة بالكون غير قادرة على إدراك طبيعة مكوناته الداخلية والعلاقة القائمة بينهما ، لا يعني أن هذه المكونات غير موجودة فهي قائمة بالرغم من وجودنا وعندما يزداد وعينا مع الزمن ونمتلك الإحساس والفهم بأن ما يوجد من وعي لا يمكن الإحاطة به بالشكل الكلي مهما بلغت طاقاتنا من قوة الكشف والاختراع، فالبحث الدائم في إطار المتابعة الدائمة لمسيرتنا المعرفية فإننا سنرى دائماً بأننا أطفال هذا الكون العظيم ومهما كانت الدراسة جارية في أي مجال من مجالات الحياة المتنوعة تمتلك من الغرابة غير المتوقعة مع قناعاتنا المشكلة من خلال التعليم علينا أن نواجه وجودنا بمسؤولية وتعقل فالغرابة هي نحن وليس وجود هذه الظواهر. فالمعرفة الدالة عن قدم العقل عند أسلافنا هي وعينا المشكل في التاريخ المعرفي أوصل العقل لمستوى معرفي قادر على وعي المستجدات المعرفية بإمكانية تفوق قدرة أجدادنا بل وكثيراً ما فقدنا خصائص إنسانية كانت متوفرة لديهم نحن في أمس الحاجة إليها في العصر الراهن لقد بدأ العالم يدرك أكثر من ذي قبل أهمية الوجود العقلي بكافة أشكاله المادية والروحية مادام الوجود يتابع طريقه في مسيرة الكون وفقاً لغايات إنسانية.
وتكمن أهمية العقل العلمي في متابعة نظام التحولات في ميادين الوعي المختلفة لغايات نبيلة وأساسية لسحب أساليب الشعوذة المسيئة لحياتنا من أيدي معتنقيها لأن التلاعب بالمقدرات البشرية ما هو إلا شر يتضخم ليخلق أساليب من العلاقات تملك في بنائه طبيعة هدامة تؤثر على وعينا بطريقة مشوهه ومبتذلة تعيق توجهنا الصادق لمعرفة طبيعتها وفهم أساسياتها . هناك ارتباط بين الحياة وطبيعة الوعي المشكل حولها وبالرغم من كوننا نعيش ضمن طبيعة كوكبية واحده تظهر عندنا أنواع كثيرة من الوعي حولها ناتجة عن بنائنا الثقافي من خلال تاريخنا التربوي ، ومهما حاولنا الانفلات من طبيعتنا الثقافية نرى بأننا نرتمي في أحضان ثقافة أخرى هي من ضمن الثقافة الكوكبية لوجودنا نظراً لارتباطنا بمجال وعينا الموحد وعندما نهمل بقصد وبدون قصد معلومات موجودة ومأخوذة من بنائنا التاريخي النوعي نرى بأن وعياً أخر اهتم بها وادخلها وأدخلها في نظام وجوده المعرفي وكأن الحياة لا تريد إهمال مكتسباتها المعرفية . فقد نمت عندنا أنواع من الاستبصار والحدس والتكهن وقراءة الطالع، ارتبطت بوعينا الماضي وعندما أهملناها ولم نعطها حقها من الدراسة والفهم ذهبت منّا والتقطها من وجد فيها نظاماً مؤثراً في حياته وفاعلاً في بناء وجودها المعرفي (( لقد فصل أحد كهان اليمن بأمر هند بنت عتبه ، عندما قال لها أنهضي غير رقحاء ولا زانية وستلدين ملكاً يسمى معاوية .))
تكهن غير عادي في تاريخنا المعرفي إنه يلازم الواقع بأبعاده المستقبلية ويرى الأحداث بصورة جلية رتبها التاريخ بكل قوة حتى صارت .
كما تكهن شافع ابن كليب الصدفي بظهور النبي محمد (ص) عندما قال :أجده لبارٍ مبرور ورائدٍ بالقهور ووصف في الزبور فضلت أمته في السفور يفرج الظلم بالنور أحمد النبي طوبى لأمته حين يجيء أحد بني لؤي ثم أحد بني قصي . أما سطيح الذئبي فقد عرف وفسر رؤيا حلم ربيعة ابن نصر اللخمي قبل وفاته . والكاهنة طريفة الخير تكهنت بسيل العرم وخراب سد مأرب . فالحدس العربي والتكهن والبصيرة الثاقبة لزرقاء اليمامة وغيرها من الاستخدامات الجارية لقوى العقل الخارقة ارتبطت بتراثنا التاريخي وعبرت عن قدرة العقل العربي في استكشاف المستقبل من خلال بصير ثاقبة وعقل متمرس .
( المصدر : مجلة لقمان – كتاب في جريدة – العدد 111 عن مؤسسة تشرين للصحافة والنشر. )
فالقوة العقلية متمكنة في ذواتنا البشرية تعبر عن طبيعتها وفقاً للمتغيرات الفكرية والثقافية فعندما لم تكن وسائل الاتصال قادرة على تامين التنقل السريع وخالية من شبكات الرادار وأقمار التجسس وعدم قدرة اللغة على تأمين وسيلة التخاطب بين البشر أمتلك العقل وسائل تعويضية فائقة القدرة من أساليب التخاطب والتخاطر الفكري وقراءة الطالع والتنجيم والوحي الإستدعائي في المخاطر والأهوال الصعبة والتركيز النشيط على القوي العقلية المؤثرة في إزالة الألم والاستشفاف وغيرها من أساليب بالطاقة الكامنة في العقل . فالبث التلفزيوني والراديوي وكافة وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية هي إبداعات راجعة بأسلوب تعويضي موازية لإمكانيات العقل الأول . فلا شيء يذهب هدراً في منظومة البنى الكونية ، فالتبدل الجاري في نظام العقل من انحسار وتغير وتطور يدخل في نظام تعويضي مغاير لطبيعته الأولى ويغطي المهام الجاري في نظام التفاعل الإنساني . فالعقول المعجزة التي بنت شواهد التاريخ القديم كالحدائق المعلقة في بابل ومعبد جوبتير في بعلبك وأهرامات الجيزة وبقية العجائب والقلاع وغيرها الكثير من الإنجازات المطمورة والكثير من الطاقات المحذوفة المرتبطة بالعقل القديم أعيد بنائها وتركيبها بطريقة مغايرة لتؤدي مهام وحاجات إنسانية متوافقة مع التطور، فالتغيرات الجارية في البنية الحديثة والناتجة عن منجزات العقل البشري هي نوعية جديدة متوافقة مع طبيعة الطاقات العقلية القديمة لتعيد إلى الوجود طبعته الأصلية بوسائل مغايرة ويظل العقل فاعلاً في نظام وجوده.


ليست هناك تعليقات: